"أقرُّ لــهُ بالذنبِ ؛ والذنبُ ذنـــــــــبهُ وَيَزْعُمُ أنّي ظــــــالم فَــــــــــــأتُوبُ وَيَقْصِدُني بالهَــــجْرِ عِلْـــــــــماً بِأنّهُ إليَّ ، على ما كانَ منــهُ ، حبيبُ و منْ كلِّ دمعٍ في جفوني سحابة ٌ و منْ كلِّ وجدٍ في حشايَ لهيبُ" ― أبو فراس الحمداني, ديوان أبي فراس الحمداني
السابق التالي وليت الذي بيني وبينك عامر…. وبيني وبين العالمين خراب إذا صح منك الود فالكل هين …. وكل الذي فوق التراب تراب أبو فراس الحمداني
ماذقتُ طارقة َ النوى ، وَلا خَطَرَتْ مِنكِ الهُمُومُ ببالِ أيا جارتا ، ما أنصفَ الدهرُ بيننا ! تَعَالَيْ أُقَاسِمْكِ الهُمُومَ، تَعَالِي! تَعَالَيْ تَرَيْ رُوحاً لَدَيّ ضَعِيفَة ً، تَرَدّدُ في جِسْمٍ يُعَذّبُ بَالي أيَضْحَكُ مأسُورٌ، وَتَبكي طَلِيقَة ٌ، ويسكتُ محزونٌ ، ويندبُ سالِ ؟ لقد كنتُ أولى منكِ بالدمعِ مقلة ً؛ وَلَكِنّ دَمْعي في الحَوَادِثِ غَالِ!
وليت الذي بيني وبينك عامر.. وبيني وبين العالمين خراب تذكر هذه الأبيات غالباً على أنها أبيات شعر صوفية يناجي فيها الشاعر خالقه، فلا يبالي إن كان تقطعت حبائل الود بينه وبين الناس ما دام خالقه عنه راضياً، ولكن ما لا يعرفه كثيرون أن قائل هذا البيت هو أبو فراس الحمداني وقد قاله مستعطفاً ابن عمه سيف الدولة، في قصيدته الشهيرة التي يقول في مطلعها: "أما لجميل عندكن ثواب".. تعالوا نروِ لكم القصة من البداية: أبو فراس الحمداني.. فارس السيف والقلم لأسباب وجيهة أطلق على الشاعر أبي فراس الحمداني لقب "فارس السيف والقلم". فأما عن علاقته بالسيف، فقد عرف عن الحمداني شجاعته وفروسيته وإقدامه في القتال، وأما عن علاقته بالقلم، فقد عرف ببلاغته لدرجة أنه الشاعر الوحيد الذي كان منافساً للمتنبي في زمانه، وقد قال عنه الصاحب بن عباد، وهو من كبار العلماء والأدباء في عصره: "بُدئ الشعر بملك وخُتم بملك"، ويعني بذلك أن بداية الشعر كانت عند امرؤ القيس أما نهايته فكانت عند أبي فراس الحمداني. من أعيان بني حمدان كان أبو فراس من أعيان بني حمدان، فوالده سعيد بن حمدان الحمداني التغلبي كان والياً على الموصل، وابن عمه هو سيف الدولة الحمداني أمير الدولة الحمدانية التي امتدت لتشمل أجزاء من شمالي سوريا والعراق وكانت عاصمتها حلب في القرن العاشر للميلاد.